كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: فَكَمَا ذُكِرَ) لَكِنَّ هَذَا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ، وَالْإِنْكَارِ وَإِلَّا فَصَاحِبُ الْحَدَثِ عَالِمٌ بِنَفْسِهِ فَصَلَوَاتُهُ كُلُّهَا بَاطِلَةٌ سَوَاءٌ مَا اقْتَدَى بِهِ وَمَا أَمَّ فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحٍ وَلَوْ اشْتَبَهَ مَاءٌ إلَخْ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مُبْتَدِئِينَ بِالصُّبْحِ) قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُعِيدُونَ الْعِشَاءَ ع ش.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ النَّجَاسَةَ تَعَيَّنَتْ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ زَادَتْ الْأَوَانِي عَلَى عَدَدِ الْمُجْتَهِدِينَ كَثَلَاثِ أَوَانٍ كَانَ فِيهَا نَجَسٌ بِيَقِينِ مَعَ شَخْصَيْنِ اجْتَهَدَ أَحَدُهُمَا فَظَنَّ طَهَارَةَ أَحَدِهَا وَلَمْ يَظُنَّ شَيْئًا فِي الْبَاقِيَيْنِ وَاجْتَهَدَ الْآخَرُ فِيهِمَا فَظَنَّ طَهَارَةَ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يَظُنَّ شَيْئًا فِي الْآخَرَيْنِ صَحَّ اقْتِدَاءُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا صَادَفَ الطَّاهِرَ وَعَلَيْهِ فَلَوْ جَاءَ آخَرُ وَاجْتَهَدَ وَأَدَّى اجْتِهَادُهُ لِطَهَارَةِ الثَّالِثِ بَعْدَ اقْتِدَائِهِ بِأَحَدِ الْأَوَّلَيْنِ فَلَيْسَ لِلْمُقْتَدِي مِنْ الْأَوَّلَيْنِ بِالْآخَرِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِالثَّالِثِ لِانْحِصَارِ النَّجَاسَةِ فِي إنَائِهِ وَلَوْ كَانُوا خَمْسَةً، وَالْأَوَانِي سِتَّةٌ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فَلِكُلٍّ مِنْ الْخَمْسَةِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِالْبَقِيَّةِ وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَقْتَدِيَ بِمَنْ تَطَهَّرَ مِنْ السَّادِسِ ع ش بِأَدْنَى تَصَرُّفٍ.
(قَوْلُهُ: بِزَعْمِهِمْ) أَيْ بِاعْتِبَارِ اقْتِدَائِهِمْ بِمَنْ عَدَاهُ سم.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُبْهَمِ) أَيْ فَلَيْسَ الْمَدَارُ عَلَيْهِ و(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ إلَخْ) عِلَّةٌ لِكَوْنِ الْمَدَارِ لَيْسَ عَلَى عِلْمِ الْمُبْطِلِ الْمُبْهَمِ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ فِعْلُ الْمُكَلَّفِ.
(قَوْلُهُ: صَوْنُهُ إلَخْ) خَبَرُ كَانَ.
(قَوْلُهُ: اُضْطُرِرْنَا إلَخْ) جَوَابٌ لِمَا.
(قَوْلُهُ: إلَى اعْتِبَارِهِ) أَيْ اعْتِبَارِ التَّعَيُّنِ بِالزَّعْمِ هُنَا مَعَ كَوْنِ الْمَدَارِ إلَخْ ع ش.
(قَوْلُهُ: لِاخْتِيَارِهِ لَهُ) أَيْ لِاخْتِيَارِ الْمُكَلَّفِ لِلِاقْتِدَاءِ بِهِمْ.
(قَوْلُهُ: فَكُلُّ اجْتِهَادٍ إلَخْ) أَيْ صَادِرٍ مِنْهُ وَبِهِ فَارَقَ مَسْأَلَةَ الْمِيَاهِ إذْ الِاجْتِهَادُ فِيهَا مِنْ غَيْرِهِ وَكَانَ الْأَوْلَى فِي التَّعْبِيرِ فَصَلَاتُهُ لِكُلِّ جِهَةٍ وَقَعَتْ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُ صَحِيحٌ رَشِيدِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ: (إلَّا إمَامُهَا) أَيْ الْعِشَاءِ.
(قَوْلُهُ: لِصِحَّةِ مَا قَبْلَهَا إلَخْ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَتَعَيَّنَ إمَامُ الْمَغْرِبِ إلَخْ) أَيْ فِي حَقِّ إمَامِ الْعِشَاءِ وَمُرَادُهُمْ بِتَعَيُّنِ النَّجَاسَةِ عَدَمُ بَقَاءِ احْتِمَالِ وُجُودِهَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ نِهَايَةٌ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُقْتَدِي ع ش.
(قَوْلُهُ: وَالضَّابِطُ) أَيْ ضَابِطُ مَا يُعَادُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ فِي الْخَمْسَةِ نَجِسَانِ إلَخْ) أَيْ أَوْ كَانَ النَّجَسُ ثَلَاثَةً فَخَلْفُ وَاحِدٍ فَقَطْ وَعُلِمَ مِنْ الضَّابِطِ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّ مَنْ تَأَخَّرَ مِنْهُمْ تَعَيَّنَ الِاقْتِدَاءُ بِهِ لِلْبُطْلَانِ وَلَوْ كَانَ النَّجَسُ أَرْبَعَةً امْتَنَعَ الِاقْتِدَاءُ بَيْنَهُمْ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: فَكَمَا ذُكِرَ) أَيْ فِي الْأَوَانِي لَكِنَّ هَذَا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ وَالْإِنْكَارِ، وَإِلَّا فَصَاحِبُ الْحَدَثِ عَالِمٌ بِنَفْسِهِ فَصَلَوَاتُهُ كُلُّهَا بَاطِلَةٌ سَوَاءٌ مَا اقْتَدَى فِيهِ وَمَا أَمَّ فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ سم وَعِبَارَةُ ع ش لَكِنْ لَوْ تَعَدَّدَ الصَّوْتُ الْمَسْمُوعُ لَمْ يُعِدْ كُلٌّ إلَّا صَلَاةً وَاحِدَةً لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْكُلَّ مِنْ وَاحِدٍ وَفِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ فَرْعٌ رَأَى إنْسَانًا تَوَضَّأَ وَأَغْفَلَ لُمْعَةً فَهَلْ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ هَذَا الْوُضُوءَ تَجْدِيدٌ أَوْ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ عَنْ حَدَثٍ فِيهِ تَرَدُّدٌ قَالَ م ر الْأَصَحُّ مِنْهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ انْتَهَى أَيْ وَلَوْ كَانَ مِمَّنْ يَعْتَادُ التَّجْدِيدَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى غَيْرِ إمَامِ الْعِشَاءِ (وَقَوْلُهُ: فِعْلُ الْعِشَاءِ) أَيْ مَعَ إمَامِهَا (وَقَوْلُهُ: وَعَلَى الْإِمَامِ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَى إمَامِ الْعِشَاءِ (وَقَوْلُهُ: فِعْلُ الْمَغْرِبِ) أَيْ مَعَ إمَامِهَا.
(قَوْلُهُ: إنَّمَا يَتَعَيَّنُ) الْأَوْلَى التَّأْنِيثُ و(قَوْلُهُ: بِالْفِعْلِ لَهُمَا) أَيْ فِعْلِ الْعِشَاءِ وَالْمَغْرِبِ، و(قَوْلُهُ: لَا قَبْلَهُمَا) أَيْ لَا قَبْلَ فِعْلِهِمَا وَلَوْ أَفْرَدَ الضَّمِيرَ لَاسْتَغْنَى عَنْ تَقْدِيرِ الْمُضَافِ الْمَذْكُورِ.
(وَ) شَمِلَ قَوْلُهُ يَعْتَقِدُهُ الِاعْتِقَادَ الْجَازِمَ لِدَلِيلٍ نَشَأَ عَنْ الِاجْتِهَادِ فِي الْفُرُوعِ فَعَلَيْهِ (لَوْ اقْتَدَى شَافِعِيٌّ بِحَنَفِيٍّ) مَثَلًا أَتَى بِمُبْطِلٍ فِي اعْتِقَادِنَا أَوْ اعْتِقَادِهِ كَأَنْ (مَسَّ فَرْجَهُ أَوْ افْتَصَدَ فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ فِي الْفَصْدِ دُونَ الْمَسِّ اعْتِبَارًا) فِيهِمَا (بِنِيَّةِ الْمُقْتَدِي) أَيْ اعْتِقَادِهِ؛ لِأَنَّهُ مُحْدِثٌ عِنْدَهُ بِالْمَسِّ دُونَ الْفَصْدِ وَبَحَثَ جَمْعٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا نَسِيَهُ لِتَكُونَ نِيَّتُهُ لِلصَّلَاةِ جَازِمَةً فِي اعْتِقَادِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ عِنْدَنَا أَيْضًا لِعِلْمِنَا بِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِالنِّيَّةِ وَيُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا لَوْ كَانَ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ لَمْ يَأْتِ مَا عَلَّلَ بِهِ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ عَدَمَ صِحَّتِهَا خَلْفَ الْمُفْتَصِدِ مِنْ اعْتِبَارِ نِيَّةِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ فَلَا تَقَعُ مِنْهُ صَحِيحَةً فَلَمْ يَتَصَوَّرْ جَزْمَ الْمَأْمُومِ بِالنِّيَّةِ فَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عِلْمِهِ حَالَ النِّيَّةِ بِفَصْدِهِ، فَإِنْ قُلْت فَمَا وَجْهُ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ حِينَئِذٍ وَهُوَ مُتَلَاعِبٌ عِنْدَنَا كَمَا تَقَرَّرَ قُلْت كَوْنُهُ مُتَلَاعِبًا عِنْدَنَا مَمْنُوعٌ إذْ غَايَةُ أَمْرِهِ أَنَّهُ حَالَ النِّيَّةِ عَالِمٌ بِمُبْطِلٍ عِنْدَهُ وَعِلْمُهُ بِهِ مُؤَثِّرٌ فِي جَزْمِهِ عِنْدَهُ لَا عِنْدَنَا فَتَأَمَّلْهُ وَأَيْضًا فَالْمَدَارُ هُنَا عَلَى وُجُودِ صُورَةِ صَلَاةٍ صَحِيحَةٍ عِنْدَنَا وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ بِمُخَالِفٍ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ مُعْتَقِدٌ لِعَدَمِ وُجُوبِ بَعْضِ الْأَرْكَانِ وَهَذَا مُبْطِلٌ عِنْدَنَا فَاقْتَضَتْ الْحَاجَةُ لِلْجَمَاعَةِ اغْتِفَارَ اعْتِقَادِهِ مُبْطِلًا عِنْدَنَا وَإِتْيَانِهِ بِمُبْطِلٍ عِنْدَهُ، وَإِنْ تَعَمَّدَهُ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ فِي الْفَصْدِ دُونَ الْمَسِّ اعْتِبَارًا بِنِيَّةِ الْمُقْتَدِي) اُسْتُشْكِلَ ذَلِكَ بِمَا فِي الرَّوْضَةِ آخِرَ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ سَافَرَ شَافِعِيٌّ وَحَنَفِيٌّ فِي مُدَّةِ قَصْرٍ ثُمَّ نَوَى الْحَنَفِيُّ الْإِقَامَةَ وَشَرَعَ فِي صَلَاةٍ مَقْصُورَةٍ جَازَ لِلشَّافِعِيِّ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ وَقَدْ سُئِلَ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ عَنْ ذَلِكَ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ مَا نَصُّهُ لَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّ الْحَنَفِيَّ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إلَّا عِنْدَ السَّلَامِ وَحِينَئِذٍ يُفَارِقُهُ الْمُقْتَدِي وَيَقُومُ، وَأَمَّا قَبْلَ السَّلَامِ فَإِحْرَامُهُ بِالصَّلَاةِ صَحِيحٌ فَصَحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ مَا دَامَتْ صَلَاتُهُ صَحِيحَةً. اهـ. وَقَدْ يُقَالُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ يَعْتَقِدُ عَدَمَ انْعِقَادِ صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُقِيمًا بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ وَالْمُقِيمُ إذَا نَوَى الْقَصْرَ لَا تَنْعَقِدُ صَلَاتُهُ فَلَمْ يَنْتَفِ الْإِشْكَالُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْحَنَفِيَّ بِمَنْزِلَةِ الْجَاهِلِ بِالْحُكْمِ لِاعْتِقَادِهِ الْجَوَازَ وَنِيَّةُ الْقَصْرِ جَهْلًا لَا تَضُرُّ وَهَذَا الْجَوَابُ يَتَوَقَّفُ عَلَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ الْمُقِيمَ لَا تَضُرُّهُ نِيَّةُ الْقَصْرِ مَعَ الْجَهْلِ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَهُ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْبُطْلَانُ عَلَى هَذَا مَخْصُوصًا بِمَا إذَا عَلِمَ فَصْدَهُ وَعِلْمُهُ بِهِ حَالَ الِاقْتِدَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَالْوَجْهُ الصِّحَّةُ كَمَا لَوْ بَانَ حَدَثُ الْإِمَامِ بِأَنَّ هَذَا حَدَثَ عِنْدَ الْإِمَامِ وَلَمْ يَبِنْ إلَّا بَعْدَ الصَّلَاةِ وَظُهُورُ الْفَصْدِ غَالِبًا لَا يَزِيدُ عَلَى ظُهُورِ نَحْوِ الْمَسِّ وَاللَّمْسِ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ نَحْوَ الْفَصْدِ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ وَيَقْصِدَ إظْهَارَهُ وَنَحْوَ الْمَسِّ وَاللَّمْسِ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ لَا يَطَّلِعَ عَلَيْهِ وَأَنْ يَكْتُمَ أَمْرَهُ فَهُوَ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ الْعِلْمِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَفِيهِ نَظَرٌ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الْكَلَامِ إذَا عَلِمَ الْمَأْمُومُ أَنَّ الْإِمَامَ فُصِدَ، فَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ فَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ.
(قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ إلَخْ) قَدْ يُرَدُّ أَيْضًا بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْمُحْدِثِ الْعَالِمِ بِحَدَثِ نَفْسِهِ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُ حَدَثٌ فَلْتَصِحَّ مَعَ اخْتِلَافِهِمَا بِالْأَوْلَى، وَإِنَّمَا صَحَّ هُنَا مَعَ عِلْمِ الْمَأْمُومِ أَيْضًا نَظَرًا لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ لَيْسَ حَدَثًا وَيُجَابُ بِأَنَّ صِحَّتَهَا خَلْفَ الْمُحْدِثِ الْعَالِمِ بِحَدَثِ نَفْسِهِ شَرْطُهَا جَهْلُ الْإِمَامِ، وَالْحُكْمُ فِي نَظَرِهِ هُنَا بِأَنْ عَلِمَ الْإِمَامُ فَصْدَ نَفْسِهِ وَجَهِلَهُ الْمَأْمُومُ هُوَ الصِّحَّةُ أَيْضًا، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ مَعَ عِلْمِ الْمَأْمُومِ فَلَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ فِي صُورَةِ الْحَدَثِ، وَإِنْ جَهِلَ الْإِمَامُ حَدَثَ نَفْسِهِ، وَيَصِحُّ فِي صُورَةِ الْفَصْدِ إنْ جَهِلَ الْإِمَامُ الْفَصْدَ لَا إنْ عَلِمَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ عَلِمَ الْمَأْمُومُ الْحَدَثَ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ عَلِمَ الْإِمَامُ حَالَ نَفْسِهِ أَوْ جَهِلَهُ وَحَيْثُ عَلِمَ الْمَأْمُومُ الْفَصْدَ، فَإِنْ عَلِمَهُ الْإِمَامُ أَيْضًا لَمْ يَصِحَّ، وَالْأَصَحُّ إنْ جَهِلَهُ صَحَّ عَلِمَ الْإِمَامُ أَوْ لَا فَتَأَمَّلْهُ.
(قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عِلْمِهِ حَالَ النِّيَّةِ بِفَصْدِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْمُحْدِثِ الْعَالِمِ بِحَدَثِ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ مُتَلَاعِبًا وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ خَلْفَ الْعَالِمِ لِتَلَاعُبِهِ فَالْإِشْكَالُ إنَّمَا يَتَوَجَّهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الضَّعِيفِ بَلْ أَنْكَرَ الْأَكْثَرُونَ نِسْبَتَهُ لِلشَّافِعِيِّ فَإِنْ قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَأْمُومَ هُنَا عَالِمٌ بِتَلَاعُبِ الْإِمَامِ بِخِلَافِهِ فِي الْحَدَثِ قُلْت الْعِبْرَةُ فِي الشُّرُوطِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَيْضًا فَاسْتَوَيَا مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ إلَخْ مَا أَطَالَ بِهِ فَرَاجِعْهُ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ مِمَّا يَقْطَعُ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَأَنَّ إحْدَاهُمَا لَا تَخْرُجُ عَنْ الْأُخْرَى بُطْلَانُ اقْتِدَاءِ الْعَالِمِ بِحَدَثِ الْإِمَامِ ابْتِدَاءً، وَإِنْ نَسِيَ هُوَ حَدَثَ نَفْسِهِ وَعَلِمَ الْمَأْمُومُ أَنَّهُ نَسِيَهُ بِخِلَافِ الْعَالِمِ بِافْتِصَادِ الْإِمَامِ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ وَحِينَئِذٍ يَنْدَفِعُ التَّأْيِيدُ الْمَذْكُورُ وَمِمَّا يُوَضِّحُ انْدِفَاعَهُ أَنَّ الصَّلَاةَ خَلْفَ الْمُحْدِثِ مُطْلَقًا إنَّمَا تَصِحُّ بِشَرْطِ جَهْلِ الْمَأْمُومِ بِحَدَثِهِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْمُفْتَصَدِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَضُرَّ عِلْمُهُ بِحَدَثِ نَفْسِهِ لِجَهْلِ الْمَأْمُومِ بِالْحَدَثِ وَكَوْنِهِ مِمَّا يَخْفَى وَلَا كَذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْفَصْدِ لِفَرْضِهَا فِي عِلْمِ الْمَأْمُومِ بِالْفَصْدِ فَلَابُدَّ مِنْ كَوْنِ الْإِمَامِ نَاسِيًا لَهُ لِئَلَّا يَكُونَ مُتَلَاعِبًا عِنْدَ الْمَأْمُومِ فَلَا يَتَأَتَّى ارْتِبَاطُهُ بِهِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ السُّؤَالِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا جَوَابُهُ عَنْهُ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ اعْتِبَارَ نَفْسِ الْأَمْرِ إنَّمَا هُوَ فِي صَلَاةِ الْفَاعِلِ وَهُوَ هُنَا الْإِمَامُ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ كَالْمُقْتَدِي بِهِ فَجَازَ أَنْ يَفْتَرِقَ الْحَالُ لِمَعْنًى يَقْتَضِي الِافْتِرَاقَ.
(قَوْلُهُ: قُلْت كَوْنُهُ مُتَلَاعِبًا عِنْدَنَا مَمْنُوعٌ إلَخْ) أَقُولُ لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْجَوَابِ، فَإِنَّ عِلْمَهُ بِمُبْطِلٍ فِي اعْتِقَادِهِ يُوجِبُ قَطْعًا عَدَمَ جَزْمِهِ بِالْفِعْلِ فِي الْوَاقِعِ بَلْ وَعَدَمَ نِيَّةٍ مُطْلَقًا كَذَلِكَ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ مَعَ ارْتِكَابِ الْمُبْطِلِ، وَالْعِلْمُ بِهِ نِيَّةٌ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ وَاعْتِقَادُنَا عَدَمَ الْمُبْطِلِ إنَّمَا يَقْتَضِي الْجَزْمَ لِمَنْ قَامَ بِهِ ذَلِكَ الِاعْتِقَادُ لَا لِمَنْ قَامَ بِهِ نَقِيضُهُ فَنَحْنُ مَعَ اعْتِقَادِنَا عَدَمَ الْمُبْطِلِ نَعْلَمُ وَنَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ جَزْمٌ بِالْفِعْلِ بَلْ حَصَلَ لَهُ بِالْفِعْلِ عَدَمُ الْجَزْمِ وَذَلِكَ مُضِرٌّ، وَأَمَّا إنْ حَصَلَ لَهُ مِنْ عَدَمِ الْجَزْمِ خِلَافُ مُقْتَضَى اعْتِقَادِنَا فَهَذَا شَيْءٌ آخَرُ لَا يَنْفِي التَّأْثِيرَ فِي جَزْمِهِ وَعَدَمِ حُصُولِهِ فَتَدَبَّرْهُ، فَإِنَّهُ وَاضِحٌ لِتَعْلَمَ أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَيْسَ بِشَيْءٍ.
(قَوْلُهُ: لَا عِنْدَنَا) لَك أَنْ تَقُولَ اعْتِقَادُنَا إنَّمَا يَمْنَعُ تَأْثِيرَ الْعِلْمِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ وَافَقَنَا الْمُبَاشِرُ فِي اعْتِقَادِنَا لَا حَيْثُ خَالَفَنَا.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا مُبْطِلٌ عِنْدَنَا) قَدْ يُجَابُ بِمَنْعِ إطْلَاقِهِ، وَإِنَّمَا يَبْطُلُ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ رُكْنِيَّةَ الْمَتْرُوكِ.
(قَوْلُهُ: اغْتِفَارُ اعْتِقَادِهِ مُبْطِلًا) كَعَدَمِ وُجُوبِ بَعْضِ الْأَرْكَانِ.
(قَوْلُهُ: لِدَلِيلٍ) يُغْنِي عَنْهُ مَا بَعْدُهُ وَكَانَ الْأَخْصَرُ الْأَوْلَى الِاعْتِقَادَ النَّاشِئَ عَنْ الِاجْتِهَادِ فِي الْفُرُوعِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي ثُمَّ شَرَعَ فِي اخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِي الْفُرُوعِ فَقَالَ وَلَوْ اقْتَدَى إلَخْ.
(قَوْلُهُ: مَثَلًا) إلَى قَوْلِهِ وَبَحَثَ جَمْعٌ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ وَأَيْضًا فِي النِّهَايَةِ إلَّا أَنَّهُ حَكَى الرَّدَّ الْآتِيَ بِقِيلِ ثُمَّ أَجَابَ عَنْهُ.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ مَسَّ فَرْجَهُ) أَيْ أَوْ تَرَكَ الطُّمَأْنِينَةَ أَوْ الْبَسْمَلَةَ أَوْ الْفَاتِحَةَ أَوْ بَعْضَهَا مُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ فِي الْفَصْدِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ هَذَا الْإِمَامَ يَتَحَمَّلُ عَنْ الْمَأْمُومِ كَغَيْرِهِ وَتُدْرَكُ الرَّكْعَةُ بِإِدْرَاكِهِ رَاكِعًا فَلْيُحَرَّرْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَقُولُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ اعْتِقَادَ صِحَّتِهِ صَيَّرَهُ مِنْ أَهْلِ التَّحَمُّلِ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ: (دُونَ الْمَسِّ) أَيْ وَنَحْوِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ (اعْتِبَارًا بِنِيَّةِ الْمُقْتَدِي)، وَالثَّانِي عَكْسُ ذَلِكَ اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِ الْمُقْتَدِي بِهِ مُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ: (اعْتِبَارًا بِنِيَّةِ الْمُقْتَدِي) وَلَا يُشْكِلُ عَلَى هَذَا حُكْمُنَا بِاسْتِعْمَالِ مَائِهِ وَعَدَمِ مُفَارَقَتِهِ عِنْدَ سُجُودِهِ لِصَلَاةٍ قَوْلُهُمْ: لَوْ نَوَى مُسَافِرَانِ شَافِعِيٌّ وَحَنَفِيٌّ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِمَوْضِعٍ انْقَطَعَ بِوُصُولِهِمَا سَفَرُ الشَّافِعِيِّ فَقَطْ وَجَازَ لَهُ أَيْ يُكْرَهُ الِاقْتِدَاءُ بِالْحَنَفِيِّ مَعَ اعْتِقَادِهِ بُطْلَانَ صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُمْ هُنَا فِي تَرْكِ وَاجِبٍ لَا يُجَوِّزُهُ الشَّافِعِيُّ مُطْلَقًا بِخِلَافِهِ ثَمَّ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْقَصْرُ فِي الْجُمْلَةِ نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي مَا نَصُّهُ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ أَنَّ صُورَةَ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ نَوَى الْقَصْرَ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ نَوَاهُ فَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ خَلْفَهُ كَمُجْتَهِدَيْنِ اخْتَلَفَا فِي الْقِبْلَةِ فَصَلَّى أَحَدُهُمَا خَلْفَ الْآخَرِ. اهـ.